على الرغم من صدمة عملاقة الصناعة من فشل مشروع “السيارة الطائرة” الذي عكفت على تنفيذه شركة “كيتي هوك” (Kitty Hawk) الناشئة للسيارات بتعاونها مع الشريك المؤسّس الثري لشركة “جوجل” (Google)، لاري بيج، ولم يعلنوا على تفاصيل الخطأ واستكفت الشركة الأولى بالإعلان بشكل مختصر للغاية عبر صفحتها الرسمية على موقع “لينكد إن”، قائلة “لقد اتخذنا قراراً بإغلاق “كيتي هوك”، وما زلنا نعمل على تفاصيل الخطوة التالية”.
هناك 3 دورس مستهدفة يمكن أن تكون رؤية واضحة لمن يخوض أي تجربة صناعية جديدة، حسبما رصد موقع “Bloomberg”، يمكن عرضهم على النحو التالي:
1- التكنولوجيا لا تتحرك في الاتجاه الذي نتوقعه
سلّط المستثمر التكنولوجي الملياردير بيتر ثيل الضوء على ابتذال تطور التكنولوجيا عندما قال في عام 2013، “أردنا سيارات طائرة، وحصلنا على 140 حرفاً بدلاً من ذلك”، في إشارة إلى عدد الأحرف المسموح به للتغريدات آنذاك.
وفي القرن العشرين، نظر الناس إلى المستقبل من خلال العدسة المثيرة للخيال العلمي: مدبرات المنزل الروبوتية من مسلسل الرسوم المتحركة “ذا جيتسونز”؛ أو المنازل ذات القباب الزجاجية؛ أو “حبوب الوجبات” من الرسوم الهزلية في الخمسينيات، أو وثائقي “أقرب مما نعتقد” (Closer Than We Think)، أو السيارات الطائرة من فيلم “باك تو ذا فيوتشر” (Back To The Future II).
لكنَّ التنبؤ بمسار التكنولوجيا يكون صعباً عندما تكون النقطة المرجعية الوحيدة لدينا هي الحاضر، ولهذا السبب استخدم مارتي ماكفلي جهاز فاكس في عالم الفيلم المستقبلي، ولهذا أظهرت الرسوم الكاريكاتورية لأرثر راديبو في الخمسينيات عناصر مثل الورق والأقلام لكتابة “بطاقات عيد الميلاد الإلكترونية”. في ذلك الوقت، كان من المستحيل فهم مفهوم المعلومات الرقمية.
2- الفشل أمر جيد
هناك مجاز معروف جيداً بين موظفي “جوجل” ومتأصل بعمق في ثقافة الشركة، وهو أنَّ الفشل أمر جيد. ففي عام 2016، قال رئيس قسم “إكس” (X)، وهو مختبر البحث والتطوير الخاص بشركة “ألفابت” (Alphabet) المعني باستخراج أفكار تكنولوجية جذرية، إنَّ الوحدة قتلت حوالي 100 مشروع في عام واحد، واحتفلت “بالفشل السريع”.
كما قال أسترو تيلر، الرئيس التنفيذي لقسم “إكس”، إنَّه عندما يُنهي أي فريق مشروعاً ما؛ فإنَّه سيحصل على تصفيق الأقران، و”عناق وثناء المديرين؛ ويكون سبباً للترقية”. (كما يمكنه أيضاً الإفلات من العقاب بفضل آلة الإعلانات من “جوجل” التي تبلغ قيمتها 200 مليار دولار).
3- أين الخطأ؟
على الرغم من أنَّه من غير الواضح ما الخطأ الذي حدث بالضبط في شركة “كيتي هوك”، فمن المحتمل ألا تتمكّن الشركة من حلّ بعض الألغاز الهندسية الأساسية. فقد عانى أحد نماذجها، على سبيل المثال، من سلسلة من الحرائق، نظراً لأنَّ المهندسين قطعوا الحماية الواقية المستخدمة في خلايا بطارية “الليثيوم أيون” للسيارات، وحزموا الخلايا معاً بشريط، وفقاً لتقرير استقصائي صدر عام 2019 في مجلة “فوربس”، مما أدى إلى زيادة خطر اشتعال البطارية.
وفقاً لـ”فوربس”؛ فإنَّ المهندسين الذين أثاروا مخاوف تتعلق بالسلامة؛ تم تجاهلهم أيضاً من قبل الإدارة التي كانت حريصة على طرح طائرات الشركة في السوق. في حين رفضت شركة “كيتي هوك” التعليق في تقرير “فوربس”.
وكانت شركة “كيتي هوك” قد جمعت 75 مليون دولار من مستثمرين من بينهم “بيج”، وفقاً لشركة “بيتش بوك” (Pitchbook)، وهي شركة لاستخبارات السوق. لكنَّ ثروة “بيج” وعلاقات “غوغل” لم تكن كافية لإبقاء الشركة على قيد الحياة، وكذلك لم تساعدها حقيقة تسميتها على اسم بلدة نورث كارولاينا التي أجرى فيها الأخوان “رايت” تجارب الطيران الأولى. لكنَّ شخصاً ما سيجعل من “إيفتول” حقيقة واقعة، على الأرجح كنوع من سيارات الأجرة الطائرة التي تديرها شركة طيران أو شركة رحلات مشتركة.